لكي نعود إلى هناك ، لا بد أن نكون في مكان ما ، فالعائد إن عاد لا يعود من عدم..

محمود درويش

الخميس، 19 يناير 2012

ملوش عنوان هالنص!

لينا خالد / عمّان

على عادتي سأصحو ! .. سأنظر بالساعة ! الوقت متأخر ، فاتني صوت فيروز و فنجان قهوة .

أمر على وجهي بالمرآة ، ملامحي يظهر عليها فوضى الحلم و عبثيته !

أغسل وجهي .. و اعود لأرمي نفسي على السرير كما كُنت !

أحاول الاتصال بأحد الاصدقاء !

- الهاتف المطلوب مغلق حالياً ..

أشعل سيجارة على غير عادتي .. أحاول اسناد ظهري على السرير , أعدل رأسي و أنظر للساعة مرة اخرى .. تأخرت ! الحياة في الخارج تنتظرني !.

أجهز نفسي ، أنظر إلى وجهي بالمرآة ! وجهي لا يشبه نفسه فانعكاسه عبر المرآة غير انعكاسه في عينيك ! ..

إي عينين أتحدث عنهم ! من أنت ؟ ، أنا هكذا طول حياتي .. لم أرى نفسي سوى عبر هذه المرآة .. عبر عيناي ..

أوراق في كل مكان ، أحاول العثور على سيناريو الفيلم الجديد ! . ابحث تحت المكتب فوق المكتب ، على رفوف المكتبة !، بجانب كتاب لا اعرف كيف وصل إلي !، بجانب صورتك !

أي صورة ؟! من أنت ؟ لم تكن هناك صور سوى صوري برفقة العائلة و الأصدقاء .. أو صورة لتشي غيفارا !

اجدهم .. تحت أكوام اشرطة فيديو قديمة ..

اخرج من شقتي التي تقع في عمارة بشارع قديم بعكا ..

المفروض أن اسلم السيناريو للمكتب في القدس ، لا أريد ! لا رغبة لدي بأن أذهب للقدس ، اليوم سيكون مزدحم ، كل الباعة موجودون هناك يفترشون الأرصفة .

سأنتظر للمساء ، ربما يتصل بي أحدهم ويسألني عن الورق !

أركب سيارة اجرة :

- وين عمو ؟

- على البيزاني !

لا اريد ان اشرب القهوة لوحدي ، فأتصل بأحد الأصدقاء :

- الرقم المطلوب مغلق حالياً ...

غريب ! أجرب ثلاث آخرين ! فأجد نفس الرد !.

اقبل بالقدر ، ربما هذا امر جيد لي ، سأفكر بنفسي أكثر .

ادخل المقهى , لا احد يعرفني ولا احد اعرفه ! كل الوجوه جديدة ، كأن المقهى أحتل من جديد !.

اجلس على طاولة بجانب البحر مباشرة ، اشرب القهوة على مهل بدون جريدة ! هكذا أصفن بالسماء و بأمواج عكا !

اتذكر نفسي ، كم كنتُ أتوق لهذا المنظر ،و هذه الرائحة !

اتذكرك ! ..

- حيفا أحلا ، سيبك من عكا ..

- الكرمل آه ممكن .. بس أنا بحب عكا ، بدي أسكن فيها .

- خلص أنا بقلك حيفا يعني حيفا ....

أتذكرك ! من أنت ؟! أي ذكرى ... و أي حديث هذا؟ ..

"للكرمل هواء .. لا يشبه هواء عكا .

و لحيفا حب لا يشبه لهفتي لعكا "

أصحوا من هذه الصفنة ، أنهض عن الكرسي و امسح عن وجهي رذاذ البحر .

غريب المساء جاء ولم يسأل احد عن الورق !

أحاول الأتصال بأحد الاصدقاء مرة آخرى ..

- الهاتف المطلوب مغلق حالياً ....

أمشي بأتجاه شقتي ، أصل فأجد ازدحام أمام العمارة التي اسكن فيها !

أقترب من الناس الذين يحتشدون أمامها ، أحاول ان أسالهم :

- ما الأمر ؟ ما الذي حصل ؟

لا أحد يجيبني .. لا أحد يراني !

ألمح صديق لي عن بعد يجلس على حافة الرصيف ! احاول الوصول إليه ! عله يعرف ما الذي يجري .. أقترب !

- ما الامر ؟

لا يجبني ! أهزه من كتفيه ! لا يحرك ساكناً ! ، أقترب أكثر .. وجهه لا يشبهه !

أصرخ : " ما الأمر ؟ " ..

- لقوا جثة فوق بالطابق الثالث !

يجيب أحدهم شخص يسأل عن الأمر ؟

افزع ! أي جثة ! كيف يغتال الموت جسداً كان يحلم !، أغضب و أركض بأتجاه السلم .

اصعده حتى أصل للطابق الثالث !

أجد مجموعة اشخاص أمام شقتي !!!

أدخل من بينهم ، أمي .. أبي .. اصدقائي ! كل الوجوه التي أعرفها كلهم موجودون !

اخرج من الشقة ، علاّ الجثة في الشقة الأخرى ، بابها مغلق !، أعود جميعهم يقفون هنا !

أحاول أن اسألهم ما الأمر ؟ لا احد يجيبني .. لا احد يراني !

أدخل غرفتي .. فأجدني ... جثة !

كلنا موجودون بغض النظر عن حالتي ! ، فمن الغائب منا ؟!!

وجهك ! وحده وجهك الغائب منا .. أي وجه ! من أنت ؟ ، من أنت حتى لا أراك ولا تراني ؟! .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق