لينا خالد / عمّان
على عادتي سأصحو ! .. سأنظر بالساعة ! الوقت متأخر ، فاتني صوت فيروز و فنجان قهوة .
أمر على وجهي بالمرآة ، ملامحي يظهر عليها فوضى الحلم و عبثيته !
أغسل وجهي .. و اعود لأرمي نفسي على السرير كما كُنت !
أحاول الاتصال بأحد الاصدقاء !
- الهاتف المطلوب مغلق حالياً ..
أشعل سيجارة على غير عادتي .. أحاول اسناد ظهري على السرير , أعدل رأسي و أنظر للساعة مرة اخرى .. تأخرت ! الحياة في الخارج تنتظرني !.
أجهز نفسي ، أنظر إلى وجهي بالمرآة ! وجهي لا يشبه نفسه فانعكاسه عبر المرآة غير انعكاسه في عينيك ! ..
إي عينين أتحدث عنهم ! من أنت ؟ ، أنا هكذا طول حياتي .. لم أرى نفسي سوى عبر هذه المرآة .. عبر عيناي ..
أوراق في كل مكان ، أحاول العثور على سيناريو الفيلم الجديد ! . ابحث تحت المكتب فوق المكتب ، على رفوف المكتبة !، بجانب كتاب لا اعرف كيف وصل إلي !، بجانب صورتك !
أي صورة ؟! من أنت ؟ لم تكن هناك صور سوى صوري برفقة العائلة و الأصدقاء .. أو صورة لتشي غيفارا !
اجدهم .. تحت أكوام اشرطة فيديو قديمة ..
اخرج من شقتي التي تقع في عمارة بشارع قديم بعكا ..
المفروض أن اسلم السيناريو للمكتب في القدس ، لا أريد ! لا رغبة لدي بأن أذهب للقدس ، اليوم سيكون مزدحم ، كل الباعة موجودون هناك يفترشون الأرصفة .
سأنتظر للمساء ، ربما يتصل بي أحدهم ويسألني عن الورق !
أركب سيارة اجرة :
- وين عمو ؟
- على البيزاني !
لا اريد ان اشرب القهوة لوحدي ، فأتصل بأحد الأصدقاء :
- الرقم المطلوب مغلق حالياً ...
غريب ! أجرب ثلاث آخرين ! فأجد نفس الرد !.
اقبل بالقدر ، ربما هذا امر جيد لي ، سأفكر بنفسي أكثر .
ادخل المقهى , لا احد يعرفني ولا احد اعرفه ! كل الوجوه جديدة ، كأن المقهى أحتل من جديد !.
اجلس على طاولة بجانب البحر مباشرة ، اشرب القهوة على مهل بدون جريدة ! هكذا أصفن بالسماء و بأمواج عكا !
اتذكر نفسي ، كم كنتُ أتوق لهذا المنظر ،و هذه الرائحة !
اتذكرك ! ..
- حيفا أحلا ، سيبك من عكا ..
- الكرمل آه ممكن .. بس أنا بحب عكا ، بدي أسكن فيها .
- خلص أنا بقلك حيفا يعني حيفا ....
أتذكرك ! من أنت ؟! أي ذكرى ... و أي حديث هذا؟ ..
"للكرمل هواء .. لا يشبه هواء عكا .
و لحيفا حب لا يشبه لهفتي لعكا "
أصحوا من هذه الصفنة ، أنهض عن الكرسي و امسح عن وجهي رذاذ البحر .
غريب المساء جاء ولم يسأل احد عن الورق !
أحاول الأتصال بأحد الاصدقاء مرة آخرى ..
- الهاتف المطلوب مغلق حالياً ....
أمشي بأتجاه شقتي ، أصل فأجد ازدحام أمام العمارة التي اسكن فيها !
أقترب من الناس الذين يحتشدون أمامها ، أحاول ان أسالهم :
- ما الأمر ؟ ما الذي حصل ؟
لا أحد يجيبني .. لا أحد يراني !
ألمح صديق لي عن بعد يجلس على حافة الرصيف ! احاول الوصول إليه ! عله يعرف ما الذي يجري .. أقترب !
- ما الامر ؟
لا يجبني ! أهزه من كتفيه ! لا يحرك ساكناً ! ، أقترب أكثر .. وجهه لا يشبهه !
أصرخ : " ما الأمر ؟ " ..
- لقوا جثة فوق بالطابق الثالث !
يجيب أحدهم شخص يسأل عن الأمر ؟
افزع ! أي جثة ! كيف يغتال الموت جسداً كان يحلم !، أغضب و أركض بأتجاه السلم .
اصعده حتى أصل للطابق الثالث !
أجد مجموعة اشخاص أمام شقتي !!!
أدخل من بينهم ، أمي .. أبي .. اصدقائي ! كل الوجوه التي أعرفها كلهم موجودون !
اخرج من الشقة ، علاّ الجثة في الشقة الأخرى ، بابها مغلق !، أعود جميعهم يقفون هنا !
أحاول أن اسألهم ما الأمر ؟ لا احد يجيبني .. لا احد يراني !
أدخل غرفتي .. فأجدني ... جثة !
كلنا موجودون بغض النظر عن حالتي ! ، فمن الغائب منا ؟!!
وجهك ! وحده وجهك الغائب منا .. أي وجه ! من أنت ؟ ، من أنت حتى لا أراك ولا تراني ؟! .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق