لكي نعود إلى هناك ، لا بد أن نكون في مكان ما ، فالعائد إن عاد لا يعود من عدم..

محمود درويش

سناريوا فيلم قصير / هُناك ..!

لينا خالد / عمّان 

لنتخيل !! 
المشهد الأول / الساعة الـ 7 صباحاً ، طوابير الطلاب في مدارس القدس !

يعلو النشيد الوطني من أفواه الطلاب الصغيرة  :
فدائي فدائي .. فدائي يا أرضي يا أرض الجدود ..
 فدائي فدائي .. فدائي يا شعبي يا شعب الخلود ..
بعزمي و ناري و بركان ثاري و أشواق دمي لأرضي و داري صعدتُ الجبالَ و خضتُ النضالَ ، قهرتَ المحالَ حَطَمْتُ القيود ..

ينتهي الطابور ، يذهبون لصفوفهم ..

طفلان صغيران يجلسان في أخر درج في الصف يتحدثون ،
الأول : أيام ما كنا لاجئين ، كنت أسمع سيدي بغنيها ، و كان يقعدني جمبه و يقلي عيد من وراي يا سيدي هذا نشيدنا الوطني ، هذا النشيد لفلسطين ، بس نرجع - أو ترجعوا - رح تغنوها كثير يا سيدي ، أحفظها ..
أبوي طبعلي أياها على ورقة مشان اعلقها جمب تختي ، و كل يوم الصبح أوقف كأني واقف بطابور المدرسة و أغنيها !
الله يرحمه سيدي ، كان حابب كثير يشوف البلاد ( يصمت ) سيدي ضله هناك محدش عنده ، كلنا رجعنا بس هو لأ !
الثاني : وين كنتوا لاجئين ؟
الأول : كنا في عمّان ،  أنتوا وين كنتوا ؟
الثاني : إحنا كنا في بيروت ، سيدي و ستي و عمامي الثلاث أستشهدوا في صبرا ، أبوي وقتها كان عند خالته في بيروت و ضل هناك ، ولما كبرت أول أشي علمني اياه هذا النشيد ، بتذكر كان في شريط بالسيارة وجه عليه "فدائي" و النشيد الثاني كان "أشهد يا عالم علينا و عبيروت" .. و نضل انعيدهم طول الطريق .

المشهد الثاني /  باص القدس - حيفا ، الـ 7 صباحاً في يوم العطلة

صبيتان أحدهم تتلحف بكوفية سوداء وبيضاء ، تليق بسمارها و شعرها الليلي المجعد ،  و الأخرى لها تسريحة الشهيدة " دلال المغربي" تلبس قلادة تحمل خارطة كبيرة لفلسطين ..

- بعد ما نمر على ستي  في حيفا ، بدنا نكمل فوراً على الكرمل ، أشتقتله و ما صدقت أمتى نعطل مشان أروح هناك . ( تقول الصبية صاحبة تسريحة دلال ) .
- بس بدناش أنطول أمي وصتني أجيبلها برتقان من يافا ، بدنا نلحق السوق وهو فاتح !
- و إذا ما لحقناش بنلقط عن الشجر !
- يي أنجنيتي !!!
- يم ما صدقنا نرجع و ترجع هالأرض إلنا و بتقليلي أنجنيتي ! آه أنجنيت ، ولك هذا البرتقان إلنا و هذا شجرنا محدش بطلعلوا يقلي ليش بتلقطي من الشجر !
- مجنونة !

فيروز تغني :
يا دارة دوري فينا .. ضلي دوري فينا
تاينسو أساميهن و ننسى أسامينا
تعا تا نتخبى من درب الأعمار
و إذا هني كبروا نحنا بقينا صغار ..

- متذكرة ؟!
- أنا إلي متذكرة .. 

تبتسمان .. تغنيان برفقة فيروز ، و ينظرون بالأفق حيث بحر حيفا يبدأ بالظهور ..




بديش أكمل .. بديش أياها تنتهي .. خلينا نضلنا نطلع بالأفق يمكن يظهر بحر حيفا قدامنا فجأة و يمكن نرجع و نغني فدائي !