محمود حسين / الزرقاء
على شفاهنا المبتله برذاذ بحر عكا والمرتويه بابتساماتنا كانت الصوره الاخيره المطبوعه بالذاكره كنا قد نزلنا من القدس بعد صلاة الجمعه الى بيت لحم وشاركنا بقداس الشكر للرب في ذلك الاحد لم نأخذ معنا الا زواده الاحلام وبعض النذور التي ابرمناها تحت قمر اذار الغريب ... فقد كان من طبعه ان يتردد بين الصيف والشتاء اما نحن فلم نكن الا مؤمنين بان نذورنا ستتحقق فلم نكن اقمار ولم نكن نجوم بل كنا شئ لا اعتقد بان الله كان له يد في انجازه فقد كنا لاجئين .
اتممت غرس زيتونتي المئه في جبل المكبّر وما زالت يدي تلتأم بعد ان ضاعت حُمرتها بين التراب...وكانت قد غسلت قدميها من تراب الطريق القديم المنبسط بين ازقة الحي القديم تحت قناديل الزيت التي اعادت وهج حرارة الحريه للحجارة المنقوشه بأكف ابناء كنعان .
بعدما استغرقنا في دموعنا واجتزنا بعض الكيلومترات ووصلنا الى بلاد الناصري ابن مريم اخذت بعض الصور لها وهي ترتوي من عين العذرا مشرب الناصراويه اكملنا مسيرنا مشيا على الاقدام كما كان نذرنا الى حيفا لا ادري اكل ما نراه حقيقه؟ لم يشبه ما قيل لنا من قبل اللاجئين الاوائل ولكنه لم يكن يشبه اي شئ الا فلسطين .. فقد كانت اثار الاحتلال تماما كما قلت ... اثار لقد استطاع الثوار من محو اي ملامح لهم ...لم اشاهد حتى علم واحد لهم على طول الطريق سوى قطعه صغيره استخدمها احدهم لربط غصن برتقاله في احدى بيارات يافا ولم اكن لأميزه لولا ان ذلك المسن ارخاها و تفقد الغصن و ذرف دمعه تمحو بريق سنه المذهب عندما ابتسم... و بفضولها سالته :"ماذا تفعل يا "سيدي" ؟ "
فأجاب؟ "كنت صغيرا ولكني اذكر ابي عندما زرع هذه "البرتقانه" وقال لي:"اسمع يا عبد هاي اهم من ولادك "
وقد فقدت ولدين وحفيد في هذه الثوره ولم ابكي الا عندما رأيت الغصن مكسور والان ابكي لانه استعاد الحياه" ..
وصلنا الى حيفا ووجدتها تمام كما رسمت بحرها الهائج فقد كان الشتاء يدق الابواب ورأيت فيها وجه درويش لا ادري من اي جاء او ربما هو لم يغادرها اصلا .
لم نطل الجلوس فقد اكملنا الطريق الى عكا ولم ادرك اننا وصلنا الصور الا عندما وجدتها تقفز من فوقه وتصرخ.."عكا" ولم اعد اراها فقد ذابت ببحر عكا بين حبات الملح .... اصبحوا واحد صرخت بها " اين انت ؟" فلم تجب بدأت بالركض هنا وهناك نزلت الى الشاطئ.... صعدت الى الاعلى مرة اخرى لابحث بنظرة اوسع واذ بيد لوهله ظننتها يد اله البحر تجذبني للاسفل ولم تكن الا لحظات ادركت انها هي وقد اصبحت للبحر سيده تجذب ما تشاء وتقذف من تشاء ..
رأينا هناك ثلاث وستون عام من الشهداء ورأينا الف الف وردة غارقة بالبكاء ...ارخينا اجسادنا ليحملنا البحر لليابسة و وجدنا الأرض غيمة سماوية تحملنا إلى الخيال ، وقفنا و نظرنا إلى الغد المبتل كثيابنا بالحرية ، ضحكنا و غابت دموعنا بين تحقيق نذورنا و مياه عكا .
8/3/2011
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق