لينا خالد / عمّان
كانت تُغيظني دائماً تِلك المُعلمة التي تُحاول بمحاضرتها السمجة عن الشرف و
صون الفتاة لنفسها حتى لا تجلب العار للعائلة ، كانت تُغيظني بكلماتها خصوصاً عندما
تبدء بتشبيهنا "بالزجاج" ! ، لا زلتُ أذكر أفواه زميلاتي المرتجفات عندما تتفوه المعلمة
بجملتها الشهيرة :
" البنت مثل القزاز إذا انقحطت مرة بضله معلم عليها و مشوه منظرها " !!! .
هذه جملة من عدة جمل هطلت علينا كفتيات بدأت ثمارهن بالنضج تحذيراً لنا كي لا نقع في
الخطأ و نجلب العار للعائلاتنا . وهنا اكرر كلمة " العار للعائلة" لأن هذا ما رسخوه في عقولنا ، باعتقادهم أن اجسدانا
هي مُلك عام للعائلة يحق " لأبن خالة عم ابو ابن ابوها "للفتاة أن
يحاسبها على فقدان جزء منه بحكم قانون الشرف المتوارث عن "عقول" حجرية
حَكمت ولا زالت تحكم مجتمعاتنا العربية .
هناك آمر آخر يُغيظني بشدة ، وهو تعرض الفتاة للتحرش وسكوتها عليه خوفاً من تعرضها
للوم من قبل الآخرين ،وتجنباً لوابل الجمل التي قد تتعرض لها تلك الفتاة المُتحرش بها
وكأنها هي المخطئة و التي قامت بالتعدي على احلام الذكور الوردية بوجودها - الذي من المفروض أن يكون طبيعي - في الشارع :
-
الحق عليكِ ، شوفي شو لابسة !! كُل لحمك مبين .
-
اخص عليهم أخوانك كان لازم يضبوكِ .
-
ليش تطلعي من البيت أنتِ بنت !
-
هُش اوعك تجيبي سيرة لأخوانك بلاش يعملوا طوشة .
حينها تبدء الفتاة التي كانت تنوي ان تحقق ذاتها
باقناع نفسها بجملة "ظل راجل ولا ظل حيط" . و تبدء عملية البحث الطويلة على
هذا الرجل الذي في نهاية المطاف يتضح أنه هو حيط أيضاً ! .
تُغيظني ضحكة الشاب الذي تحرش بالفتاة ، و تصفيق أصحابه و
مدحهم له :
-
ولك يا عرص والله أنك طقع كيف عملتها ! .
حيث في أحياناً كثيرة يكون هذا الشاب المُتحرش هو نفسه أول المعترضين على حرية فتيات العائلة و
خصوصاً عندما تعبر أحداهن عن رأيها بما يتعلق
بمفهوم الشرف ، حيث يبدء بعملية "سوق الشرف "عليها
لمجرد أنها تملك عضو
تناسلي بإمكانه إن "ينسف" شرف العائلة إذا ما استخدمته بطريقة خاطئة .
"خصوصاً
إنها بتفهمش أشي و بتحكي عن الشرف و هو ولي صالح عليها ! " .
هذه الامراض الاجتماعية وما تخلفه من صور مشوهة عن جسد المرأة ومفهوم الشرف
...هذه كلها جعلتني على يقين بإن عضو الأنثى التناسلي يُقلق العقول العربية أكثر مما
يُقلقها وجود مصنع للإسلحة النووية في إسرائيل ! او حتى وجود " اسرائيل " نفسها ! .
غريب هذا العقل ، عندما يصفق و يرقص و يطلق الرصاص من إجل ليلة
سيحتفل بها ذكر بتتويج رجولته عند فضه لبكارة هذا العضو !! .
والأكثر غرابة عندما يغضب ويطلق الرصاص بمجرد الشك بإن هذه البكارة فُضت دون
إذن رسمي من أكبر عضو ذكري في العائلة فيمشي مطأطئ الرأس لضياع رجولته ! .