لكي نعود إلى هناك ، لا بد أن نكون في مكان ما ، فالعائد إن عاد لا يعود من عدم..

محمود درويش

الاثنين، 16 أغسطس 2010

الزمن الباقي .. سيرة الحاضر الغائب ((فيلم يستحق الذكر)) ***

ينقسم الفيلم إلى ثلاث مراحل تاريخية: النكبة، السبعينيات وأيامنا الراهنة (الناصرة ورام الله). وقد نجح المخرج الي سليمان في نقلها بمهنية عالية بواسطة الموسيقى والتصميم الفني للفيلم. إنّها محطات مفصلية في روايتنا الفلسطينية، وبالأخصّ لفلسطينيي الداخل. وقد نجح سليمان في انتزاع الناصرة وحيفا والجليل والمثلث من براثن التعريفات (الإسرائيلية) الجديدة، ليعيدها إلى سياقها الفلسطيني الأصلي. السياق الذي تاه ويتوه في معمعة التقسيمات السياسية الحاليّة التي فرضها منطق المحتلّ. إنّه ردّ اعتبار لنا، لفلسطينيي الجليل والمثلث والنقب: من هنا مرت النكبة، من بيوتنا وأراضينا وبلداتنا.
بل إن إيليا سليمان يذهب أبعد من ذلك. رأيه أكثر حدة: النكبة ما زالت مستمرة، وهي تشوّهنا. تشوّه لغتنا وحاضرنا ومستقبلنا: الجار السّكّير الذي غرق في قنينته، وفي كل سكرة يخرج بحلّ سحريّ آخر؛ الجهاز التعليمي الذي أجبر آباءنا على غناء «بعيد استقلال بلادي/ غرد الطير الشادي»، وتعاون معه المديرون والمعلمون من آبائنا أيضاً. يقسو هذا السينمائي المميّز، وينكأ الجرح بلا هوادة. إنه فلسطيني غاضب وخائب الأمل، إلا أنّ غضبه يُترجَم سخرية مُرةً تنتج فكاهة غريبة، سوداء قاتمة. فكاهة فلسطينية. هل يمكن الضحك وأنت تشاهد توقيع رئيس بلدية الناصرة على وثيقة الاستسلام في 1948، والصورة التي التقطها مع الحاكم العسكري؟ هل هذا ممكن ومسموح؟
وإذا كانت الكوميديا هي «التراجيديا مضافاً إليها الزمن»، فهل يمكن في «الزمن الباقي» (والمتبقي) أن نضحك على جيش الإنقاذ الذي لم ينقذ شيئاً؟ وعلى وضع فلسطينيي الداخل، بكل تشويهاته الثقافية والاجتماعية؟ هل ما بقي لنا هو الشبان العرب الثلاثة في المشهد الأخير، يلبسون مثل «موسيقيي الراب» مع كوفيات وشارات النصر؟ هل هي مقاومة جديدة عصرية؟
الفيلم يبدأ بمشهد غريب: سائق تاكسي يهودي يُقلّ سليمان من المطار، إلا أنّ عاصفة قوية تهبّ فيتوقف السائق ويعلن عدم قدرته على الاستمرار في السفر، لأنه «لا يعرف أين هو». سليمان يجلس في الخلف، في العتمة، صامتاً، لكنه يقول لنا بهدوء: اليهودي لا يعرف المكان ولا يعرف الوصول إليه، وأنا (نحن) عالق معه! كلنا عالقون في «الزمن الباقي». فلنضحك قليلاً.
لكم مقطع من الفيلم http://www.youtube.com/watch?v=r7h657KGY4Y&feature=related

منقول ***

الأحد، 15 أغسطس 2010

شيءٌ يشبه الظل ..!



لينا خالد / عمان

كما لو كان ظّل الشيء عارياً دون رائحةٍ او شكل ..

كما لو كان يتباطأ متعمداً ليؤخر جسداً عن لقاء كان قد انتظر قدومه مطولاً !

جسداً .. قام بتعديل وقفته أمام المرآة ، تحسس وجهه و لحيته التي تخبئ تفاصيل طفولته..

و قال : ماذا لو ذهبت للقائها دون ان احلق شعر ذقني ؟؟

علها ستقول : أنت تخبئ ماضيك وراء هذه الفوضى التي تعلو وجهك ،

اتخشى ان اكتشف طفولة مبتورة او رجولة مثخنة بالهزائم ؟

لم يتوقف مطولاً امام سؤالها الافتراضي !

وتحسس اصابعه متأكداً من وجودهم ،يده اليمنة خمسة و الاخرى ثلاث !

جميعهم موجودون ..و لم يكترث لإصبعيه الذي فقدهما بذات حرب !

- اين بقية اصابعك ؟

- فقدتهم ..

- لاجل من ؟

- لاجل الوطن ..

نظر مطولاً بأنعكاسه على المرآة ..

و مد يده في جيب معطفه

بطاقة لجوءه ، ساعته ، علبة سجائره ، و قلم قديم ..

لم ينسَ شيء ..

تحسس الوقت ، ها قد حان ..

جر ظله وراءه كما لو كان يسعل ..!

الشارع متعرق ،و الشجر متناغم مع ترانيم عصفور يغني خشية من الصمت ..!

جلس على المقعد الخشبي بجانبها و ضع حزمة اوراق ربطت ببكلة شعرها ..

- هذه لكِ .

-لم تتغير كثيراً ..

- انا نفسي لم اتغير و لم افقد سوى بضعة اصابع و بضعة سنين في الانتظار !!


14/8/2010

06:17 صباحاً