لكي نعود إلى هناك ، لا بد أن نكون في مكان ما ، فالعائد إن عاد لا يعود من عدم..

محمود درويش

الثلاثاء، 22 مايو 2012

شوارع و احلام !


عمان من فوق شكلها كثير بختلف عن شكلها لما تنزل لتحت و تتمشى بشوارعها  ..
صوت الناس ، البياعيين ، الزمامير ، رجلين الناس الي بتلهث ، الكياس المليانة و الفاضية ، الهوا ، و سلاسل عربيات الخشب !  هي موسيقى عمان .. 

لما تشوف فيها الناس ، بتشوف عمان قديش كبيرة .. كثيرة .. و ناسها اشكال ألوان .. 


و أنتَ تمشي بشوراعها .. بتشوف صبية حلوة كبرت و قعدت ع بسطة ! بتسأل حالها شو كان صار لو كانلي بيت ! شو كان صار لو عندي دكان صغيرة ! أو شو كان صار لو كملت تعليمي ! .. 


بتوقف عند محطة انتظار الباص ، بتشوف وجوه ذايبة ع لقمة العيش ، قطعت بحر و صحرا و شوارع تتحط حجر فوق حجر ، و ترجع اطعمي ولادها المشتاقين في بلادها .. 


بتركب الباص  ، أول شي بتعمله بتتفرج من الشباك ، الناس الي برا بشبهوا الجوا ، هما نفسهم ، إلي كان ياكل هون ، و الي عم بنقي أواعي من على البسطة ، هو نفسه الي قاعد هون . 


بتشوف ختيارة كانت بنت بجدايل تحب وتحلم تحت دالية عنب حرقوها اليهود ، ما ظللها من الدنيا غير ثوبها و كيس أعشاب غريبة ! 
بتشوف شب كان يحلم يكون أشي ثاني غير إنه يشتغل شغلتين في حياته ليطعمي ولاده ( الصبح مواسرجي و بعد الظهر معلم سباحة ) 
بتشوف صبي صغير بفكر بالمستقبل و يا خوفه من المستقبل ..
بتشوف شفير الباص إلي إله اكثر من 25 سنة بلف بشوراع عمان .. بضحك ، وبحكيلك عن زوايا حواريها القديمة .


بترجع للناس بتشوف وجوههم ، قديش تعبانة ، قديش متغيرة و كبرانة .. 
عمان ناس فوق بعضها ، بتبني احلام ، و ناس بتهد احلام .. عمان ناس بتضحك و بتبكي 
عمان ناس موجوعة و ناس مرتاحة .. عمان ناس ساكتة لأنها مش قادرة تحكي ، عمان ناس ساكتة لأنها مش عارفة شو بدها تحكي .. عمان ناس بتحكي بس ما بتعرف شو بتحكي !
عمان هي ناسها .. بكل احلامهم مش أكثر ! 




شوية صور من عمان : 





الاثنين، 14 مايو 2012

الله لاجئٌ مثلي !



لينا خالد / عمان 


الطريقُ لحيفا .. قصيرٌ وسهل .. أمشي مغمضةٌ حواسي .. لا يدلني على البحر سوا قلبي ..
لا أتعثر بجندي قصير ولد في قريتي صدفةً و سمي على اسم جده موشيه ! 
أمشي و كأن الطريق لي , و كأنني اعود وحدي !
أصلُ القدس .. 
 أمرُ بحاخام نسي أسم الله على حجر بحائط المبكى !
أمرُ بإمرأة فلسطينية تبيع الفجل على حافة السوق ، تتمتم بالتسابيح و تنظر بعجوز يهودية
و كأن هُناك سباقاً بينهم على قلب الله !
 - من منا سيكون لـ الله ! 
-أنا من شعبه المختار .. و أنتِ من شعبه المحتار ! 
-من منا سيكون لـ الله !! و الله لاجئ مثلها ..
انظر حولي فلا أرى سواي يحمل ملامح لاجئ تائه بين جدران مدينته !
من منهم سيكون لـ الله ! و الله لاجئ مثلي ! ..
أتخيله لاجئ ، يحملُ خيمته و لا يجد زاوية تتسع لوجع ملأ وجهه الأبيض !
عيناه تتحركان و كأنهما تبحثان عن لون اخر في المخيم ليختبأ !

- لا تبحث عن لوناً آخر .. فللجوء لون واحد يشبه ثياب بالية ! 
يهمس طفلٌ له و يرحل ..

*******

للنكبة طعمٌ مُر و كريه .. من فرط ما غاص برائحة الدم و الفقدان ..
للنكبة طعمٌ لا يُشبهنا !
للنكبة صف قبور كان أصحابها أطفالاً يحلمون بقطعة حُب بظلِ شجرة !
للنكبة صبيةٌ مثلي .. 
لا تتذكر متى نطقت بسم البلاد ..
 لا تتذكر كيف علمها اباها بأن تكون لاجئة !
..للنكبة احلامٌ كثيرة ، و طعمٌ مُر 
للنكبة مُخيم بأوجاع كبيرة ..
 للنكبةُ ربٌ حمل أسمهُ و غاب ..  
للنكبةُ ذكرى .. بأرقام تكبرُ كل عام !
للنكبة ..  نكبةٌ آخرى ، تعثرتُ بالطريق ، ربما مُت و جفت جثتي على جوانبهِ .. لم أصل حيفا .. و لم أمر بطريق القدس  - يافا بعد .. .