تحرس أحلام ( سارة) و تقبل ( فارس ) ليهدئ ، تداعب ذاكرة أجدادنا و ذاكرتنا التي بحجم حقل برتقال يطل على يافا كما تداعب حليها الكنعانية ، و عند وصولها ( لرأس جبل ) الكرمل تناجي حيفا لتدفئ (غسان) في زنزانته .
ريم بنا , هي فنانة فلسطينية (الصوت و الرائحة و الشكل ) ، بدأت في الغناء منذ أوائل الثمانينيات و أصبح صوتها لا يستغنى عنه بين وسط المستمعين إلى الأغنية العربية الملتزمة ، التي بدأت تشكل -هذه الأغنية- حالة حميمة على قلب وذوق المواطن العربي ، و قد أتيحت لنا الفرصة لمقابلتها في عمان للتحدث عن الأغنية التي تقدمها :
· حدثينا عن بدايتك في هذا الفن ؟
- بدأت عن طريق مشاركتي في بعض النشاطات المدرسية ، و الوطنية في فلسطين و قد كنت اغني لفيروز و مارسيل خليفة و احمد قعبور ،وبعد ذلك انضممت إلى فرقة كانت تسمى (أم سعد) و كنت المغنية فيها و لكن بسبب عدم استمرارها، اكملت المسيرة لوحدي وبدأت بغناء التهاليل الفلسطينية التي كانت بصوت جداتنا ، وهذا ما جعلني أول فلسطينية تغني التهاليل و تنقلها من غرفة نوم الأطفال إلى المسرح و لهذا التصق طابع التهاليل في اسمي .
· لماذا اخترتِ هذا اللون من الأغنية العربية ؟
- اخترت هذا اللون من الأغنية لاني ابنة فلسطين و ابنة هذه المأساة ، ونعيش ببلد محاصر و محتل و نواجه هجمات يومية لطمس هويتنا و تاريخنا و لغتنا وطمس كل ما يتعلق في فلسطينيتنا وهذا الشيء جعلني أرى إنني لا يمكنني إن أكون فنانة عادية و اخترت هذا اللون كسلاح للمقاومة و لإيصال معاناة الشعب الفلسطيني للعالم ليعلموا ما الذي يحدث معنا ولنجمع اكبر عدد من المتضامنين و نكشف وجه الاحتلال البشع .
· ما مدى تأثر الجماهير في أغنيتك من حيث التمسك بالأرض و الوطن و القيم بحياة الناس ؟
- هناك تأثر كبير جداً ، لان أغنياتي عبارة عن قصص إنسانية تتحدث عن معاناة الشعب الفلسطيني ، التي تتعلق في الشهداء والحصار و الجدار و اللاجئين و الأسرى . وهذا يجعلهم أكثر تشبثاً بحقهم في العودة و الحرية و الحياة .
· ما الغاية من تقديم الكلمات العربية التراثية الفلسطينية بقالب اللحن الغربي؟
- للتقرب من جيل الشباب و هذا ما حصل ، فقد أحب الشباب هذه الأغنية و وجدها قريبة منه لحناً وكلمات وهذا الذي يهمني أن تصل الأغنية الملتزمة بمعناها الحقيقي ولا ضرر إن وصلت له بقالب موسيقي حديث.
و أيضا لإطلاع الغرب على واقعنا و خلق تضامن أوسع مع القضية الفلسطينية ، فحين يسمع الجمهور الغربي أغنية الطفلة الشهيدة سارة فهذا الشيء يؤثر بهم مما يجعلهم يتشوقون لمعرفة قصة سارة كاملة و حين يبحثوا عن التفاصيل ويكتشفوا بأن احد القناصة الإسرائيليين قد اغتال طفولتها في رصاصة برأسها فهذا يجعلهم متضامنين بشكل نشط مما قد يؤثر هذا في حكوماتهم ليأخذوا مواقف أكثر حزم اتجاه القضية الفلسطينية و لردع الاحتلال عنه .
· القضية الفلسطينية ، و الوجع الفلسطيني هو الجزء الأكبر من رسالتك و قد قلتِ من قبل إن وجودك لفلسطين ، فهل برأيك إننا نحتاج إلى مؤسسات داعمة لهذا الفن الذي يعتبر جزء من الذاكرة الفلسطينية ؟
- طبعاً نحن بحاجة كبيرة لمثل هذه المؤسسات ، لأنه لا يوجد لدينا لا شركات تسويق ولا حتى استوديوهات كبيرة ، فنحن نحتاج مثل هذه المؤسسات بشدة لأننا نحتاج لدعم كبير على الأقل في إقامة الحفلات للفنانين الفلسطينيين والتسويق لألبوماتهم . فللأسف لا يوجد أي مؤسسة حالية جادة لتقوم بمثل هذه الأعمال . فنحن بحاجة ليكونوا موجودين لدعمنا و لنقوم أيضا بدعمها للحفاظ معاً على الذاكرة و الفن الفلسطيني .
· هل للفن الملتزم اليوم مكاناً وحضوراً واسعاً لدى المستمع الذي لوث ذوقه في الصور المبتذلة و الكليبات التي ترعاها فضائيات النفط العربي؟
- تسويق الأغنية الهابطة في التلفزيونات و الإذاعات يشكل مثل غسيل الدماغ للشباب في العالم العربي ولها تأثير كبير فهم يقومون بنشر الملايين من الفيديو كليب للفنانين الفارغين من القيم و المبادئ بحيث ينشرون كليب واحد لفنان جاد ذي رسالة سامية خلال السنة هذا إذ نشروا ، وهذا يعتبر مخطط مقصود ليشغلوا الشباب العربي عن اهتماماتهم بقضاياهم الإنسانية و الاجتماعية و الوطنية و بتوجههم فقط إلى هذه الأغاني التجارية ليتوقفوا عن التفكير في مستقبل قضاياهم .
· هل يستطيع أن يكون هذا الفن جسراً للتواصل و للحوار مع الآخر ؟
- هناك الآن تجارب مع موسيقيين غربيين يعملون مع موسيقيين شرقيين لمزج الأغنية الشرقية و الغربية لنستفيد منها ، فنحن نجمع خلفية ثقافية من قبل الجهتين المختلفتين و نقدمها بقالب جديد ينتشر بشكل اكبر عند الشرق و الغرب ، وهذه فكرة لتوسيع القاعدة الموسيقية لدينا.
· ما هي ملاحظاتكِ على الأغنية الملتزمة في المناطق التي تعرفتِ عليها في الوطن العربي من المشرق إلى المغرب ؟
- هناك نمط واحد للمغني الملتزم و يجب أن يخرج من هذا النمط ليصل إلى شريحة اكبر غير المثقفين فنحن المهتمين في الأغنية الملتزمة نهتم في الكلمة أكثر من اللحن فهناك بعض الأغاني ذات الكلمات الجميلة و الرائعة ولكن يصاحبها لحن سيء وغير مستساغ لأذن المستمع، ولهذا يجب أن يكون هناك مزج ما بين الكلمة الجميلة و القوية و الموسيقى الجذابة للمستمع .
· إلى أي مدى باتت الموسيقى و الأغنية الملتزمة مرتبطة بالحرية ؟
- كل شيء أقوله وأقدمه ، أقوم به بدون خوف لأنني انقل الحقيقة و الواقع و بنفس الوقت إن المساحة موجودة ولكن هناك فنانين يخافون من فقدانها .
· كيف ترى ريم بنا مستقبل الأغنية العربية الملتزمة ؟
- لدي أمل كبير ، فهناك تجارب شابة رائعة يملكون فن راقي لتقديمه و على أمل أن يقدموا هذا الفن الجميل و إن يواكبوا همومهم و ما يريدون هم و ما هي قضاياهم .
ا19 ديسمبر 2010